المقالات

هنا الشارقة

دعوة صريحة 
 
بقلب مخلص ونية صافية، أدعو الله أن يكون العام الجديد عام خير وبركة على الامارات، لتحقق كل ماتصبو إليه من آمال وطموحات ،وتواصل مسيرة تطورها الرائدة ونهضتها المباركة في ظل قيادتها الرشيدة برئاسة سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان "حفظه الله" ونائبه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، وإخوانهما أصحاب السمو حكام الامارات "آمين". 
 
وبسعادة وامتنان كبيرين، أحمد الله على الإنجازات والبطولات التي حققتها فرق أندية إمارة الشارقة في مختلف الألعاب خلال العام الماضي، وإن شاء الله بتضافر الجهود وبتعاون كل الشركاء مع المجلس الرياضي سيتواصل العطاء لتحقيق المزيد من الألقاب، لنرد جميعًا دين الوفاء لسيدي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على أياديه البيضاء ومكارمه التي لا حدود لها، على الرياضيين وغير الرياضيين في الإمارة الباسمة .  
 
وبتفاؤل كبير في الغد الأفضل لرياضة الامارات، أرفع أكف الضراعة بالدعاء لكي تخلص النوايا وتتحد الجهود وتصدق الوعود، فنتخلص من كل المعوقات التي تعترض السبيل والمسيرة،ونعوض في المرحلة المقبلة ما أهدرناه في السنوات الماضية، فنحن بحاجة ماسة لوقفة صادقة مع النفس نراجع فيها كل ما مررنا به من تجارب وخبرات لنستخلص الدروس والعبر، ولا حرج ولا حساسية أبداً إذا اعترفنا أمام أنفسنا، بأننا أيضاً بحاجة لإعادة ترتيب الأولويات وتحديث الوجوه، فنحن من دون أن ندري، نرتكب من حين لآخر نفس الأخطاء،وبالتأكيد، لن يتغير من المشهد الرياضي شيئًا،، ولن تتبدل المخرجات مطلقًا طالما الأفكار والمدخلات هي نفسها.
 
قناعتي أننا جميعًا في قارب واحد، بمصلحة واحدة وهدف واحد، لكن ٠للأسف- هناك أهواء وأغراض تستهلك وقتنا وتستنزف جهودنا، ولا أريد في هذه اللحظة الفارقة بين عامين، أن أقلب في صفحات الماضي، فأفتح جروحاً التأمت على علاتها، أو أن أمارس كما يحلو للبعض عملية جلد الذات التي لا نجن شيئًا من ورائها، اعتبروها دعوة صريحة لتصحيح المسار واللحاق بكل من بدأوا معنا ثم سبقونا في غفلة منا ومن الزمن، فنحن جديرون بواقع أفضل كثيرًا مما نحن عليه، ومابين أيدينا من دعم وموارد وإمكانات، ومن بنية تحتية ومنشآت، يؤهلنا بقوة لتحقيق كل طموحاتنا التي كانت ومازالت مقرونة بوصف "المستحيلة"، فالعيب ٠كما يقول الشاعر- ليس في زماننا وإنما العيب فينا .

هنا الشارقة

الرسالة وصلت

عساكم لاحظتم في المقالين الماضيين أني توقفت كثيرًا عند رسالة القيم الإنسانية التي خلفها المونديال القطري عند جماهير العالم، تلك القيم التي تبلورت من التنظيم والضيافة، ومن المشاركة المشرفة لمنتخب "أسود الأطلس" ،فكلاهما أكمل الآخر عند مستقبلي تلك الرسالة التي ما كانت لتصل بقوة هكذا لو لم تكن القيم جميلة ورائعة، ولو لم يكن هناك نصراً على الأرض لمنتخب عربي يحمل اللواء ويضرب المثل عمليا بسلوك لاعبيه.
 
ولا أذيع سراً إذا قلت أني ما فطنت بسرعة لقيمة هذه الرسالة إلا لأنها كانت أول وصية أوصاني بها سيدي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة عندما شرفت برئاسة المجلس الرياضي، إذ كانت توجيهات سموه مباشرة ومحددة، بأن تكون للرياضة رسالة أخلاقية تذكي المثل والمبادئ بغض النظر عن حسابات الفوز والخسارة، وعسى مابين أيدينا الآن من ردود فعل متباينة لدى شعوب عالم الكرة ، أكبر برهان على عظمة هذه الرسالة التي اعتبرتها الإرث الخالد للمونديال.    
 
لقد كانت ردود الفعل شتى وفي كل الاتجاهات، لكني سأكتفي اليوم بمثلين أراهما أبلغ من سواهما لأنهما من نجمين كبيرين، وقد بدا في اللحظة التاريخية للحدث المونديالي أن الأول وهو "ميسي"، وما أدراك ما ميسي في عالم وتاريخ كرة القدم؟ يسلم راية التألق في ملاعب اللعبة لـ"مبابي" ابن الثالثة والعشرين، فالأول "بالبشت" العربي من فوق منبر الاحتفال باللقب العزيز قال للعالم أنه رأى في المحفل القطري مالم يره في كل المونديالات الماضية، أما الثاني أو  النجم القادم "مبابي"، فقد كان مستاءً من ردة فعل مدربه ديشان تجاه زميله كوامي بعد أن أهدر ضربة الجزاء، إذ لم يختلف فيها عن أي مشجع متعصب في المدرجات، مع أن ضربة الجزاء من الوارد اهدارها ونجوم كثيرون أشهر منه أضاعوها في لحظات لا تقل حرجا عن تلك، فالإثنان توقفا عند الخلق والسلوك ورغما عنهما، استغرقا في بحث الأسباب التي وراء تلك الفروق، فكانت القناعة طواعية بأن الثقافة العربية مختلفة عن ثقافتهم، وأن ما يتم ترويجه عنهم ليس صحيحًا بالمرة، فتعاملاتهم فيها سماحة وحب وسلام، وقيمهم الإنسانية تتجلى سلوكاً جميلًا داخل الملاعب وخارجها.
 
إنه "صدام القيم"، الذي أحدثه المونديال العربي، ما بين الشرق بإشراقاته التربوية الجميلة، والغرب بأفكاره وتقليعاته الغريبة، والرسالة هكذا وصلت على أحسن ما يكون 

هنا الشارقة

الإرث الخالد 

أشياء كثيرة ستبقى محفورة في ذاكرة العالم من بعد أن حط المونديال رحاله في قطر، وفي تقديري أن ما أخذه من المحطة العربية أكثر بكثير مما تركه، دعونا من الإحصاءات والمعلومات التي يسجلها العاملون عليها من دورة إلى أخرى،فهذه ستحفظ للمونديال القطري حقه في جملة من الأرقام القياسية لم يحفل بها أي مونديال سابق،انما الذي أعنيه والذي جال بخاطري وأنا أتابع  المنتخب المغربي في آخر ظهور له بالبطولة أمام كرواتيا،هو  تلك"الرسالة الثقافية الشاملة"التي خطتها العقول العربية قبل الأقدام ،من القيم والمثل والمبادئ والأعراف التي ارتبطت بنا كعرب ،والتي كان المونديال بمنصته العالية موصلاً جيداً لها إلى كل شعوب العالم في لحظة تاريخية فارقة، فمفردات هذه الرسالة الثقافية هي الإرث الخالد، مع كامل التقدير لبطل المونديال ووصيفه،ولكل أصحاب الألقاب والجوائز من هداف وحارس وخلافه ،ممن احتفينا بهم في حفل الختام الباهر   

التأثير الثقافي عندما تتلاقى الشعوب على أرض واحدة فيحدث التواصل ، ومن ثم يحدث التفاعل الذي رأينا محصلته في اختلاف المعتقدات والرؤى والأفكار من بداية المونديال إلى منتهاه ،ومحصلة هذا التفاعل هي ما أعنيه بذاك الإرث الذي جمع في تفاصيله تعاليم ديننا وسمات عروبتنا وقيم أجدادنا التي نتوارثها من جيل إلى جيل ،فهذه الرسالة وصلت بحذافيرها إلى العالم على أحسن ما يكون ،وماكانت لتصل هكذا لولا عنصرين لا ثالث لهما:

 الأول: هو التنظيم القطري الرائع الذي لم يترك شيئا للمصادفة،واتسم بالاحترافية في التعامل مع كل صغيرة وكبيرة داخل الملاعب وخارجها ،والأهم في هذا التنظيم أنه كان بوعي وحرص كبيرين على عدم التفريط في مفردات ثقافتنا فلم يسمح بتغييبها أو تغريبها في حضرة جماهيرالعالم

أما العنصر الثاني فتمثل في إنجاز المنتخب المغربي بوصوله إلى الدور قبل النهائي وتحقيق المركز الرابع لأول مرة في تاريخ العرب وأفريقيا ، فهذا الإنجاز الذي توج وأكمل ما حققه شقيقاه السعودي والتونسي، اختزل في معانيه ما يستحيل على خطب وندوات ومؤتمرات أن تؤديه،وصنع عند مستقبليه كل ما يعززالوعي العربي والتفوق العربي جنبا إلى جنب مع جودة التنظيم والضيافة العربية  

لقد كان المونديال القطري عربيا أصيلا متمسكا بكل جذوره، وكان الانجاز المغربي بدوره عربيا مذهلاً  مشرفاً ،ولذا سيبقى هذا التنظيم وذاك الأثر حديث القاصي والداني بين كل البشر، من الرياضيين وغيرالرياضيين "إرثاً خالداً" فلا يضيع ولا يندثر 

هنا الشارقة

ملحمة عربية 

**لنا أن نفخر بعروبتنا، وأن نعتز بقوميتنا، وأن نتطلع لما هو أفضل في كرة القدم والرياضة بوجه عام، وأن نطمح لكل ما تصورنا أنه صعب ومستحيل في كل مجالات الحياة، كل هذا وأكثر من بعد أن قفز منتخب المغرب عاليًا في المونديال القطري وتأهل إلى الدور نصف النهائي، فما بالك لو نجح في ماهو أعلى وأرفع بالوصول إلى المباراة النهائية ثم الظفر بالكأس العالمية؟!
 
** لا يأس، لا صعب، لا مستحيل..لقد استخرج "أسود الأطلس" بملحمتهم التاريخية من مفردات لغتنا العربية كلمات ومعان لم يكن لها مكان في علاقتنا كعرب بالمونديال، الذي كان ومازال مجرد بلوغه بالنسبة لبعضنا منتهى الأحلام ونهاية الآمال! ناهيك عن المشاعر الحلوة التي أسعدتنا بعروبتنا واستدعت من أعماقنا كل ما يجمعنا ويوحدنا من المحيط إلى الخليج، انها حقًا ملحمة كروية، خصوصًا إذا نظرنا لها من منظور البطولة والجسارة والجرأة التي أطاحت في سبيلها بعروش كرواتيا وبلجيكا والبرتغال وإسبانيا، ولعل أجمل وأحلى مافيها أنها "عربية خالصة" بأقدام عربية ورؤية عربية وإرادة عربية،ولم تكن مفارقة بأي حال أن تتحقق على أرض عربية، فهذه بدورها عساها رسالة قدرية، كي ندرك ويدركون، ونعلم ويعلمون، أننا طامحون ومغامرون، والأهم أننا قادرون.
 
**ولقد تجلت في عناصر الملحمة كل القيم والمبادئ التي نعمد لتأسيسها وزراعتها في عقول أبنائنا من حيث: التوكل على الله، وبر الوالدين، والإخلاص للوطن، واللعب بروح الفريق، والدفاع عن السمعة والمكانة، فنحن أمام تجربة حيّة لصوابية توجهاتنا ومصداقية كل معتقداتنا وقيمنا المستمدة من الدين والثقافة والأسرة، ومن عاداتنا وتقاليدنا العربية التي ورثناها من أجدادنا، ولعل صور نجوم المغرب وهم يقبلون آبائهم وأمهاتهم وزوجاتهم وأبنائهم قد جسدت كل هذه المعاني الجميلة عند مستقبليها حول العالم من الوهلة الأولى.
 
** ولأن الملحمة لم تنته بعد، دعونا موقتًا نذاكر معطياتها التي بين أيدينا لنستخلص منها الدروس والعبر، فالطفرة المغربية نتيجة سبقتها مقدمات خاصة بها وبهم، ومحصلة صنعتها معادلة لا أرى عناصرها متوفرة بنفس النسب في بقية دول المنظومة العربية، فأين المحترفون بهذا الكم في الملاعب الأوروبية؟ وأين الحافز والشغف الفردي للاعب؟ وأين تلك الروح القتالية؟ وأين تلك الثقافة التي تقوم على الندية ولا تعترف بالدونية؟ وأين تلك القناعة التي تكرس الوطنية ولا ترى في الأجنبي خصاصة ولا أفضلية؟
..وقطعا للحديث بقية .        
 

هنا الشارقة

أحبك يابلادي 

51 عاما من الأمن والأمان، والحب والسلام، والرخاء والإستقرار، والنماء والإزدهار، في ظل ظليل أسسه وبناه "زايد"، وحفظه وأضاف إليه "خليفة بن زايد"، ويرعاه وينميه خليفتهما سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد رئيس الدوله "حفظه الله".. إنها نعمة كبرى وقيمة فضلى أن منَّ الله علينا بقادتنا العظام، وأن جمعنا ووحدنا تحت رايتهم في دولة الإمارات، التي أصبحت بوحدتها النموذجية مثلاً يحتذى، وآملًا يرتجى، ومقصداً يُبتغى من كل شعوب الأرض في مشارقها ومغاربها، فاللهم ارحم "زايد وخليفة" وبارك لنا في قائدنا محمد بن زايد وإخوانه حكام الإمارات لننعم بهم ونرقى بدعمهم ونسعد بفضلهم .."آمين يارب العالمين" .  
 
إنها ذكرى عزيزة ومناسبة غالية علينا جميعا، تولد فينا كل معاني الفخر بالإنتماء للوطن، وتستدعي في قلوبنا كل مشاعر الفرح والسعادة، إذ نستحضر فيها منجزات الآباء والأجداد لنحتفي بها ونشكرهم ونمتن لهم، والأهم لكي نثمنها ونقدرها ونتعهد بحفظها لأبنائنا وأحفادنا من بعدنا.. ولأن نسبة الفضل لأصحابه قيمة من قيم الوفاء، يقتضي الأمر أن نعترف بأننا جيل محظوظ للغاية، فقد عاصرنا الرواد الأوائل الذين أسسوا دعائم دولة الإتحاد، وعاصرنا كذلك، القادة العظام الذين قفزوا بنهضتنا ومدنيتنا إلى قمم الجبال وهامات السحب، وحلقوا بأحلامنا وأمانينا في فضاءات النجوم والكواكب، فهذه بدورها نعمة كبرى علينا أن نشكر الله عليها كثيراً، وأن نعمل جاهدين لكي نواصل المسيرة بعزيمة أكثر وإرادة أقوى وطموح أكبر.
 
يامعشر الرياضة والرياضيين، لقد منَّ الله علينا بالكثير من مكاسب ومكتسبات دولة الإتحاد، ولأننا جزء لا يتجزأ من تلك المنظومة الموصوفة بالنجاح، دعونا نستنفر الهمم ونستدعي كل مالدينا من تصميم وحماس وشغف، لنصحح المسار والمسيرة فنكون عنصرا فاعلا في هذه المنظومة  الجميلة، فقد شبعنا، بل سئمنا، من مقولة أن مردود الرياضة وعوائدها لا يتناسبان أبدا مع مصروفها ومواردها، وعسانا إذا نظرنا الآن حولنا وطالعنا أندادنا وجيراننا، بأعين "قارية" ناقدة، وببصيرة "مونديالية"واسعة، سندرك أننا قصرنا كثيرا في حق أنفسنا، لأن رياضتنا  تستحق قولًا وفعلًا، وصدقًا وعملًا، واقعًا أفضل بكثير مما هي عليه الآن.
 
أخيراً وليس آخرًا، لقد عاتبني كثيرون على مقولة "رياضتنا ليست بخير" التي ختمت بها مقال الأسبوع الماضي، لكني كنت ومازلت مقتنعًا بأن الصدق مع النفس هو أقصر طريق لإقناع الآخرين ولو كره الكارهون.
 
ختاماً في هذه المناسبة أقول بكل الحب: "أحبك يابلادي" وكل عام وأنتم بخير.    

هنا الشارقة

"ليست بخير"

* استقطب "الأخضر السعودي" شعور الجماهير العربية في المونديال القطري، من بعد أن جسد على أرض الواقع نموذجاً يحتذى به في عالم كرة القدم، هذه هي الخلاصة وتلك هي الحقيقية التي تبلورت في خاطر الضمير العربي من اللحظة التي استطاع فيها أن يقهر منتخب الأرجنتين، في واحدة من أهم وأكبر مفاجآت المونديال عبر تاريخه، وأتمنى مخلصاً أن تكتمل عناصر المفاجأة بالصورة التي في مخيلتي، بوصوله إلى ماهو أبعد من دور ال16، الذي سبق وأن بلغه في مشاركته الأولى بمونديال أمريكا 1994، وهذا وارد وممكن، خصوصاً إذا نجح في اجتياز عقبة المكسيك في الموقعة التي ستشهدها البطولة يوم الأربعاء المقبل.
 
* حتى عندما تخلى التوفيق عن مهاجميه، وخسر أمام بولندا بهدفين، لم يفقد "الأخضر" حضوره كنموذج للحلم العربي، ذلك لأنه احتفظ بعنفوانه الذي ظهر به أمام منتخب "التانجو"، ولعب للفوز، وكان الأفضل ميدانياً بأرقام الاستحواذ والنقلات والفرص، فهو خسر بشرف وخرج من المباراة مرفوع الرأس، كما يقال، وبالمناسبة، هذا هو المطلوب دائماً وأبداً من أي فريق في كل زمان ومكان، سواءً كان يلعب باسم ناد أو منتخب.. أن يعبر عن ذاته الكروية كما يجب، ويرفع من سقف طموحه كلما سنحت الفرصة لذلك.
   
* والآن في النصف الثاني من هذا المقال، دعوني أعترف لكم بأنني لم أستطع أن احتفظ بحدودي كمشاهد عادي، فاستمتع بما أراه واحلم بما هو أفضل للمنتخب الأخضر وحسب، فالحس الوطني يملكني والمسؤولية تؤنبني، وكل ما أراه يولد عندي الكثير من علامات التعجب والاستفهام بخصوص كرة الإمارات ورياضتها بوجه عام، فمخطئ من يعتقد أن الكرة السعودية قفزت إلى الواجهة هكذا فجأة، أو أن ما حققته تحقق بمعزل عن المنظومة التي تحكم الرياضة ككل في المملكة، فنحن أمام نموذج متكامل يقتضي البحث والدراسة، ليس فقط لاقتباس عوامل نجاحه، وإنما لمعرفة كل الفوارق التي جعلت وصولهم لمحطة المونديال لحظة تاريخة فارقة، بينما كانت محطتنا في 1990، التي سبقت محطتهم ب 4 سنوات، مجرد لحظة عابرة!
 
* لن أقول كما قال غيري: "ليت قومي يعلمون" لأني أدرك جيدًا أنهم يعلمون ويتألمون مثلي وربما أكثر، إنما سأقول "ليت قومي يعملون"، وأعني بذلك كل ما يجب عمله في هذا السبيل، من مراجعة وتقييم للذات،، ثم ما يستتبع ذلك من تغيير في القناعات والأولويات ومن تحديث للوجوه والوجهات، لأن الحقيقة والواقع يؤكدان أن "رياضتنا ليست بخير"، واللهم أني قد بلغت اللهم فأشهد.    

هنا الشارقة

مستقبلنا بأيدينا 
لم تكن مبادرة مجلس الشارقة الرياضي لإعلان خطته الإستراتيجية حتى 2031 على هامش الملتقى الثقافي العربي من دون ترتيب مسبق، كما أنها لم تكن مجرد استثمار لمنصة قصر الثقافة العالية، إنما كانت مبرمجة ومستهدفة لتكون المنظومة العربية "شريكة ومراقبة وشاهدة" لتلك اللحظة التاريخية التي نعلن فيها طموحات المستقبل، واعني بالشراكة والرقابة والشهادة ما تعنيه مدلولات كل كلمة لتكون الخطة تحت مجهر المتابعة والتقييم من الشركاء والمراقبين والشاهدين طول الوقت، وإن شاء الله سنكون على مستوى هذه المسؤولية بكل ما فيها من أعباء حاضرة وتحديات مستقبلية.  
 
**في عالمنا العربي، للأسف، يبدو “التخطيط" كما لو كان مجرد عنوان لمرحلة، أو خطوة لا بد منها في استراتيجية أي عمل ،حيث لا حوكمة ولا مراجعة ولا تقييم لما تحقق ومالم يتحقق من أهداف، الأمر الذي أفرغ التخطيط من معناها وسرب للجميع قناعة خاطئة بأنه ليس إلا كلاماً منمقاً وتنظيراً على الورق!  وهذا الشبح المخيف كان حاضراً معنا طول الوقت في خطتنا.. ونحن نحدد الأهداف.. ونحن نفكر في المحاور.. ونحن نناقش شركائنا.. ونحن نحدد المعايير والمؤشرات.. وأخيراً ونحن نصيغ المراحل والخطوات، ولذا كان تعهدنا أمام أنفسنا قبل سوانا من البداية ، بألا نشطح وألا نبالغ وأن تكون أحلامنا في إطار الممكن والمستطاع لا المستحيل والمحال.  
 
**كانت رؤية سيدي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة حاضرة بما تحمله من قيم وبما تدعو إليه من أهداف، وكانت معطيات البنية التحتية، ونتائج الاستبانات والإحصاءات، وخطط وبرامج المؤسسات الأخرى بين أيدينا، حتى لا نتجاوز حدود واقعنا، ولا نفقد بوصلتنا ونحن نبحر بسفينتنا نحو الشارقة كعاصمة عالمية للثقافة الرياضية، وكان من دواعي سعادتنا وتفاؤلنا بالمستقبل أن الهدف تحقق مرحلياً بفوز الإمارة بجائزة عاصمة الثقافة الرياضية العربية 2022، وهذا بدوره كان سبباً آخر لاختيار منبر الملتقى لإعلان الإستراتيجية، حيث كان أعضاء مجلس أمناء الجائزة ضيوفاَ مكرمين.
 
**بقى شيء واحد فضلت أن اختتم به المقال ليظل في البال، ألا وهو أن الإستراتيجية أعدت بفريق عمل كل عناصره من الكوادر الوطنية، مايعني أنها "إماراتية خالصة" وفي ذلك رسالة لمستوردي "الإستراتيجيات المعلبة" بأن أهل مكة أدرى بشعابها وبأن ما يحك ظهرك إلا ظفرك، وبإذن الله مثلما صغنا استراتيجيتنا بأيدينا سنصنع مستقبلنا بأيدينا.          

 

هنا الشارقة

قبلة العالم 

أي باحث ، بل أي زائر أو سائح يزور الشارقة للمرة الأولى ، لا بد وأن تستوقفه الرموز والشارات والمعالم والمنشآت التي تعبر عن شخصيتها الثقافية المميزة، وان استرسل بفكره في الأصول والجذور والأسباب والمسببات ، وأستغرق قليلاً في الرسائل والمنبهات التي تأتيه عبر الأسماء والمسميات ، فحتما سينتهي به المطاف على ضفاف "المشروع الثقافي الكبير للشارقة".. ذاك المشروع الذي أرسى دعائمه سيدي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى  حاكم الإمارة "حفظه الله " ،والذي تجاوز بأصدائه اطاره المحلي ومحيطه العربي إلى أفق عالمي لا يُدرك مداه، وذلك بفضل جوهره الذي يقوم على "الإنسان" بغض النظر عن كل اعتبارات الزمان والمكان 

انظر حولك ، ستجد الثقافة كتاباً مفتوحاً على ضفتيه في الشارقة. أبوابه  وفصوله ماهي إلا أنشطة وفعاليات في مختلف المجالات، والجمل والمفردات ماهي إلا خطط وبرامج تستهدف كلها الإنسان بالذات، بما يؤسس فكره وقيمه ومثله ومبادئه، مع ما يحتاجه من تربية وتعليم وصحة وخدمات وخلافه ، انها رؤية الحاكم الحكيم ،التي بإمكانك أن ترى تجلياتها بنظرة عابرة في لحظة،ففي الأيام الماضية "مثلا".. تزامن المعرض الدولي للكتاب بكلمته إلى العالم، مع مؤتمر الجامعة لتقنيات الطاقة المستدامة، مع افتتاح مدرسة جديدة في خورفكان ،مع الوقف المخصص لدعم مجامع اللغة العربية مع مكرمة للمكتبات لتزويدها بأحدث الإصدارات ،مع منحة من سموه لترميم متحف جبران في لبنان 

ومن العام إلى الخاص، نحمد الله على نجاحنا في المزاوجة ما بين الثقافة والرياضة لتكتمل صورة الشارقة كـ"قبلة للعالم" في مختلف المجالات ،حيث نحتفل حاليا مع أشقائنا العرب، تحت شعار "ثقافتنا تجمعنا"، بفوز الإمارة بجائزة عاصمة الثقافة الرياضية العربية، وسعادتنا كبيرة بانطباعات الضيوف عن الفعاليات والبرامج التي أعددناها للاحتفاء بالمناسبة ، لاسيما وأنها جمعت بين ماهو علمي وثقافي كالملتقى الذي حظى برعاية  سمو الشيخ  سلطان بن محمد بن سلطان ولي العهد، وماهو رياضي ومجتمعي كدورة  كلباء للألعاب الشاطئية التي حظيت برعاية سمو الشيخ عبد الله بن سالم بن سلطان القاسمي نائب الحاكم ،حيث أجمعوا على ان الشارقة قدمت نموذجاً ستحتذي به المدن الفائزة بالجائزة في دوراتها المقبلة ،وهذه بدورها شًهادة نفخر ونعتز بها 

قبلة من القلب لكل من يحب الشارقة ويقدرها ويعمل لأجلها ،لتبقى "قبلة العالم" دائما وأبداً 

 

هنا الشارقة

بيت القصيد 

* بلغ دوري أدنوك للمحترفين ذروة من الإثارة تبعث السعادة، وتستوجب أن نهنئ عليها كل القائمين على إعداد هذا المنتج الرياضي الجميل، ولا أخص بالتهنئة إدارة اتحاد الكرة ورابطة المحترفين وحسب، وإنما أعممها لتشمل كل الشركاء المساهمين في منظومة اللعبة من أندية ووسائل إعلام ومؤسسات، وكل العناصر الفاعلة في الملاعب من لاعبين واداريين ومدربين وحكام، وصولًا إلى جماهير المدرجات التي أعتبرها الوسيلة والغاية معاً لتحقيق كل علامات الجودة المطلوبة لدورينا، فلها تتضافر كل الجهود وبها تكتمل المتعة، ومن دونها تفقد اللعبة الشعبية روحها وسر بهجتها.
 
** قد يقول قائل أن المستوى ارتقى بفضل المنافسة غير المسبوقة بين الفرق، واشتراك الشارقة والوحدة وشباب الأهلي في رصيد الصدارة حاليًا، وإذا قال آخر أن مبادرات جذب الجماهير، التي تكاملت بجهود "الرابطة" مع الأندية، هي التي أحدثت مفعولها سأقول: لا خلاف على ذلك، أما من يرى أن السر في بصمة الأجانب الذين زاد عددهم إلى 6 لاعبين عملياً بكل فريق، فمساحة الاختلاف هنا ستزداد وتتباين لأن المميزين الذين يصنعون الفارق وسط هذا الكم الكبير لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، والعبرة ستبقى دائمًا بالكيف لا بالكم.    
 
** ولا ننسى في هذه الديباجة أن مستوى التحكيم ارتقى بدوره وأن مباريات المسابقة لم تشهد أخطاءً مؤثرة على النتائج، ومن جانبي لا أعتقد أن الفضل في ذلك يعود لتأثر حكامنا المواطنين بالمنافسة مع نظرائهم الأجانب، فهم متميزون من قبل ومن بعد، وكل ما في الأمر أن من يتعللون بالتحكيم لم تعد عندهم ذريعة .
 
** ورغم كل هذه المعطيات الجميلة في دورينا، تظل الحيرة حاضرة بخصوص ظاهرتي تذبذب المستوى وندرة المواهب الوطنية، وبالنسبة للأولى الأمر يقتضي بحثًا وصبرا حتى نرى المحصلة عند نهاية الدور الأول، أما الثانية فلا عذر يقنع ولا سبب يشفع، لأن هذا ماجنته أيدينا بعد أن قلصنا نسبة المواطنين بكل فريق إلى ذاك الحد.
 
** أخيرًا.. نعم هناك مستويات أعلى وأرفع، لكن دعونا نقنع بما بين أيدينا أولاً، قبل أن نطمح إلى المزيد، ولنتساءل: أين كنا وأين أصبحنا وكيف نحافظ على مكتسباتنا، خصوصاً بعد أن تراجع دورينا في القائمة الآسيوية إلى المرتبة التاسعة، فإن لم تنعكس إيجابيات المسابقة على أنديتنا ومنتخبنا في مسابقات القارة، سنكون كمن يحرث البحر.. هذا هو بيت القصيد .. وهذا مالا نريد.