المقالات

هنا الشارقة

المتطوعون خيرا 

عرفت في مشوار حياتي الرياضي والوظيفي قيمة وأثر العطاء الانساني والخدمة الوطنية، وايضا العمل التطوعي الذي يتم دون مقابل ولا ينشد المرء من ورائه إلا وجه الله تعالى،بغض النظر عن ثناء الناس وتقديرهم ،واعتقد ان من خبروا ذلك في حياتهم أو في مجالات عملهم سيدركون جيدا حجم ومقدار السعادة الداخلية التي يشعر بها كل متطوع بخدمة انسانية من هذا النوع.
**عندما كنت أعمل في جناح الجو وهيئة الطوارئ والأزمات ، كانت سعادتي تبلغ ذروتها في اللحظة التي أتمكن فيها من اسعاف مريض أو إغاثة مصاب في حادثة أوكارثة ما،وقد يقول قائل أن هذا العمل كان من مهام عملي ،لكن الحقيقة التي لامراء فيها ،ان هذه المهام تتوافق مع طبيعة نفسي أكثر من طبيعة عملي ،وقد كانت ومازالت تشبعني وتمتعني ،وتجعلني أشعر بانسانيتي وبجوهر ذاتي من الداخل أكثر من أي شيئ آخر ،وكل منا لو بحث في أعماقه عن الشيئ الذي لا يتردد في فعله حتى لو لم يكن له أي مقابل ،سيجدأشياء من هذا النوع.
**عفواً للإسهاب في رؤية ترتبط بقناعاتي ومشاعري الخاصة ،لكن عذري في ذلك أن الشفافية مطلوبة عند الكتابة ،وبصراحة ،كل مااسترسلت فيه سابقا ،لم يكن إلا مقدمة رأيتها مناسبة وضرورية لحديثي عن الدور العظيم والرائع الذي يقوم به المتطوعون في انجاح الفعاليات والبطولات الدولية التي تعرف طريقها إلى الدولة عموما وإلى الشارقة بوجه خاص،فهؤلاء الفتيان والفتيات بقمصانهم المزدانة بشارة التطوع ،الذين يضحون بوقتهم وجهدهم طواعية لخدمة المجتمع بكل شرائحه وأطيافه ، والدولة بكل زوارها وضيوفها ،هم حقا شركاء النجاح وهم أساسه وجوهره .
**وحتى نقدر حقيقة هذا المعنى لنا أن نتصور حدثا دوليا كطواف الشارقة الدولي للدراجات من دون أعضاء هذا الفريق الذي كان قوامه 200 شاب وشابة تقريباً، فمن دونهم كانت المحصلة ستختلف كثيراً لا قليلاً ،وماكان التنظيم سيكتسب هذه المرونة وتلك الكفاءة ،وماكان الطواف كحدث سيحظى بما كسبه من تقدير وثناء سواء من المشاركين أو من الضيوف والمراقبين الدولين .
** ختاماً ..بعدد ساعات العمل التطوعي في الأنشطة والفعاليات الرياضية بالإمارة ،التي قاربت 14 الف ساعة ، أتقدم باسم مجلس الشارقة الرياضي ،بخالص الشكروعظيم الامتنان لدائرة الخدمات الاجتماعية ومركز الشارقة للتطوع، ..وباسم الرياضيين الغيورين على مصلحة الوطن أحيي الشركاء المساهمين في كل نجاح ،المتطوعين فعلاً وعملاً ..وحبا وخيرا للإمارات  .              

هنا الشارقة

ثقافة أصيلة 

من عام إلى عام يتجدد وصال الشارقة مع العالم من خلال الطواف الدولي للدراجات ،حيث يطل العالم عبر نوافذ الإعلام المختلفة على معالم الإمارة الباسمة ، ومع الاطلالة البانورامية التي تطوف بين رموزها التراثية القديمة وصروحها المدنية الحديثة ،يدرك المشاهد من الوهلة الأولى أن الشارقة تزداد اشراقاً وجمالاً من دورة إلى أخرى ،ولا منة ولا فضل في ذلك الإبداع المتجدد إلا لسيدي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الاعلى حاكم الإمارة ، الذي يرسم بريشة فنان كل آيات جمالها ،ويبدع بخيال شاعر كل ما يتمناه المرء في حاضرها قبل مستقبلها .     
**نعم نفخر في مجلس الشارقة الرياضي بالنجاح الذي يحققه الطواف في كل نسخة جديدة ، ومن جانبي، أسعد كثيراً بالروح الجميلة التي تجمع بين أعضاء فريق العمل في اللجنة العليا المنظمة ،وأدرك جيداً أنه لولا تلك الجهود المخلصة ماحافظنا على مكانة الحدث الدولي ومكانه المتميز بين طوافات آسيا والعالم ، لكن الشيئ الأكيد الذي لا خلاف عليه ، أن الرهان سيبقى قائماً ومستمراً على الثقافة الشرقاوية الأصيلة التي يصعب ان تتغير مهما تغيرت ظروف الزمان والمكان ، تلك الثقافة التي طبعت بصمتها على البشر سلوكاً وقيماً وعادات ،قبل ان تنقش علاماتها على الحجر قلاعا وصروحا ومنشآت ، فهذه الثقافة التي أرساها وبناها "سلطان" وراعى فيها بناء "الإنسان" قبل تشييد "البنيان" هي حصننا الحصين ،وهي الإمتياز الحاضر في أي تنظيم على مر السنين .   
** واسمحوالي بأن استعرض معكم بعض ماتجلى في النسخة الحالية من مفردات تلك الثقافة : أولا سيادة الكادر الوطني وشغله لكل جوانب التنظيم والإدارة بالكامل،مما حقق لنا سعادة داخلية عظيمة،ثانيا الحرص على وجود ومشاركة لاعبي المنتخب وفرق الإمارات للإستفادة من الاحتكاك بالدراجين الدوليين ،وهو هدف وطني كبير ومهم، هانت معه التضحية بارتقاء الطواف في التصنيف الدولي ،فما جدوى الترقية إذا كان ثمنها خروج أبنائنا من المشهد؟ ، ثالثا استثمار النافذة الدولية للحدث باقامة سباقين على هامشه للشباب والمعاقين ،ومن رأى السعادة في عيونهم كما رأيناها ،سيدرك قيمة تلك الفكرة ومغزاها.
**كل الشكر لفريق العمل التنظيمي على النجاح الذي تعبر عنه الأرقام المطردة للمشاركين ،وباسم كل الرياضيين أتقدم بخالص التهنئة للحاكم الحكيم،بمناسبة الذكرى الواحد وخمسين لتوليه مقاليد الحكم ،..وكل طواف وانتم ووالدنا وقائدنا بخير .          
 
 
 

هنا الشارقة

أعيدوا حساباتكم

بصوت العقل والحكمة، وبوازع من ضمير القائد والوالد معا، خاطبنا جميعا سيدي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ،ومن القلب إلى القلب ،وفي الوقت المناسب ،وصلت كلمات سموه إلينا لتنبهنا وتوقظنا من سباتنا،ولتدفعنا وتحفزنا لمراجعة حال رياضتنا بوجه عام، وليس كرة القدم وحدها التي كشف المنتخب علتها المزمنة في "خليجي 25 "..وحقا وصدقا ،ما أحوجنا لنصائح وتوجيهات سموه من آن لآخر، حتى نستدرك أولا بأول ، أين كنا؟ وأين وكيف أصبحنا ؟  

** لم يكن من الوارد أبداً،ولا من الجائز أو المقبول، أن نقف في مجلس الشارقة الرياضي مكتوفي الأيدي حيال توجيهات سموه التي سلكت اتجاهين في آن واحد ، الأول حيال مسار رياضتنا التي تقتضي وقفة صادقة للمراجعة والتصحيح ،والثاني حيال خيارالأجانب والمقيمين الذي غالينا وتمادينا فيه لدرجة الإسراف والتطرف فكانت محصلته على حساب أبناء البلد ،ومن واقع المسؤولية والدوركانت الاستجابة والتلبية في أسرع وقت من المجلس الرياضي، باجتماع عاجل وتحركات سريعة على الصعيدين العام والخاص،وان شاء الله تتكلل الجهود بالتوفيق والنجاح 

** نعم انطلقت بنا قاطرة الإحتراف ولا مجال لإيقافها أو اعادة عجلتها إلى الوراء ، لكن الأكيد ،أنه مازال بإمكاننا أن نصحح مسارها ووجهتها بما سنتفق عليه من حلول وبدائل ،وبما سنتعاون "جميعا" في تحقيقه عبر الخطط والبرامج المستقبلية ،وحديثي بلسان الجمع والجماعة ما هو إلا رسالة ضمنية بان النجاح في تصحيح المسار سيكون مرهونا بتعاوننا وبتضافر كل المؤسسات الفاعلة في الحركة الرياضية من الهيئة واللجنة الأولمبية في قمة الهرم الإدراي بما لديهما من خطط وسياسات، إلى المجالس الرياضية بما تملكه من قدرات وامكانات، إلى الاتحادات والأندية بما لديها من آليات وادوات ،فمخطئ من يعتقد أن الأزمة تخص كرة القدم وحدها، ومتجاوز من يحسب أن بمقدور جهة واحدة أن تتولى بمفردها تصحيح المسار،خصوصاً إذا رسخت قناعتنا بأننا جميعا في قارب واحد ، كما نردد دائما

** في وقت ما قبل عام من الآن، دعوت لتأسيس هيئة وطنية مستقلة تتولى الإشراف على المنتخبات ،ومبادرتي مازالت قائمة بكل تفاصيلها وضوابطها، لكني مستعد لقبول سواها من الأفكار والمبادرات، والتعاون في تنفيذها إذا اتفقت كلمتنا على أي منها،المهم ألا نستسلم أو نيأس، فالهّم همُنا جميعا،وعلينا أن نعي جيدا مقولة الحاكم الحكيم "اعيدوا حساباتكم 

 

هنا الشارقة

جزاء الإحسان 

في الشارقة.. كل مايتمناه المرء يدركه والحمدلله، بفضل القيادة الرشيدة والرؤية البعيدة التي يتمتع بها سيدي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حيث تشمل مكارمه كل أفراد وشرائح المجتمع، وتمتد أياديه البيضاء بالعطاء لتؤمن لأبنائه متطلبات الحاضر ولتلبي طموحات المستقبل، ومؤخرا كان الرياضيون في الإمارة الباسمة على موعد مع مكرمة جديدة من سموه، وجه بها ولي عهده ونائبه سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، لرفع قيمة موازنة 15 ناديًا مابين الرياضي والنوعي والتخصصي، وهذا ليس بغريب أبدًا على حاكم حكيم يدرك جيدًا هموم وشجون رعيته، ووالد رحيم يشمل بعطفه وكرمه كل أبنائه دون تفرقة.

 
بالتزامن مع خير أمطار الشتاء، جاءت المكرمة الجديدة لتحفزنا جميعًا لمزيد من البذل والعطاء في كل المجالات، فالرياضة كما نعلم جميعًا ليست بمعزل عن كل قطاعات العمل التي شملتها يد البناء والعمران، وعلى شبابها أن يستحضروا همتهم ويشمروا عن سواعدهم، فمن بعد أن حصلت الخطط والبرامج التي أعدتها الأندية المعنية على ما يغطيها ويفيض من اعتمادات وموازنات، أصبحت الكرة الآن في ملعبهم ليردوا الدين عطاءً بعطاء، ووفاء بوفاء .
 
ومع كرم وجود واحسان بهذا السخاء "القاسمي"، استحضر في خطابي للرياضيين الذين شملتهم المكرمة، وسواهم ممن ينعمون بخير ودعم "سلطان"، الآية الكريمة التي يقول فيها المولى عزّ وجل "وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان " ،حتى يضاعفوا الجهود والعزوم، داخل الملاعب وخارجها، ليردوا الإحسان بإحسان، قولًا وفعلًا، وعملًا وصنعا، وبذلًا وعطاء في كل ملاعب وميادين الرياضة، لاسيما وأن الشارقة أصبحت تتمتع ببنية تحتية على أعلى مستوى من حيث المنشآت والتجهيزات والتقنيات، مما يمكنها لتتبوأ مكانا ومكانة أعلى، ويؤهل رياضييها ليحققوا مزيدًا من الألقاب والبطولات .    
 
نعم كان الحصاد وفيراً في الموسم الماضي، والحمد لله، ونعم كان التتويج من نصيب فرق كثيرة ولاعبين عديدين في البطولات الجماعية والفردية، لكن سقف الطموح ليس له نهاية، ومع كل عام جديد يجب أن تتجدد الآمال والأهداف والغايات، إن لم يكن لبلوغ قمم جديدة لم نبلغها، فعلى الأقل، للمحافظة على المكتسبات التي تحققت في السنوات الماضية، خصوصاً وإننا في عالم تتغير معطياته وتزداد تحدياته مع صباح كل يوم جديد، فهكذا يكون التعبير عن الإمتنان لصاحب السمو حاكم الشارقة، وهكذا فقط يكون جزاء الإحسان بالإحسان .
 
 

هنا الشارقة

لن نفقد الأمل 

صبر العراق صبرا جميلا واحتمل وعانى كثيرا ،حتى عاد إلينا وعدنا إليه في "البصرة 25 "مع بطولة كأس الخليج ،..وبطول سنين الحرمان التي امتدت لأكثر من 40 عاما ،وبحجم المعاناة التي شهدها هذا المخاض عبر عقدين من الزمان ،وبعمق المشاعر الصادقة التي تجمعنا كعرب بأشقائنا العراقيين، كان الشوق، وكانت اللهفة، وكانت الفرحة بكل ما شهدناه في حفل الافتتاح الرائع،الذي سيخلد في الذاكرة بزمانه ومكانه وجماله، والأهم ببلاغة وقوة رسائله التي حملها إلى العالم ، ليستعيد ذاكرته الإنسانية وينبذ الصراعات والحروب .

 _ أما فيما يخص منتخبنا وظهوره الأول أمام الشقيق البحريني، فألتمس العذرلكل المنتقدين الذين حركتهم الغيرة على المنتخب ،ويجب أن تتسع الصدور لاستيعاب كل ردود الفعل  طالما هي صادقة وطبيعية ،خصوصا إذا أخذنا في الإعتبار أن بعض الانفعالات يصعب حبسها،وفي الوقت نفسه أدعو المنفعلين المتجاوزين في ردود أفعالهم للتريث في أحكامهم، فالتعويض وتغيير الصورة مازال ممكنا وواردا،وعلينا أن نتمسك بالأمل للنهاية.

_ ومن جانبي ،لن أكذب ما رأته عيني، فالصورة التي ظهر بها المنتخب، تبعث القلق على مستقبله أكثر مما تبعث الطمأنينة، وانا هنا لا أتحدث عن بطولة الخليج التي تم الوعد بالمنافسة على لقبها ،وانما عن هوية وشخصية المنتخب التي نتمناها منذ أمد بعيد ،والتي أرى أنها مازالت غائبة وبعيدة،بسبب استمرار الاجتهادات والتغييرات في التشكيلة وفي مراكز اللاعبين، فالمنتخب المنافس له صفات مختلفة تماما،وروحه القتالية تظهر من أول لآخر لحظة، ولنا أن نتذكر الصورة التي كان عليها "الأبيض" في خليجي 21 بالبحرين وقتما حققنا اللقب للمرة الثانية بقيادة المدرب الوطني مهدي علي لندرك حجم وعمق الفارق .   

_ خسارة المباراة الأولى ليست معضلة ، وفي تاريخنا مع البطولة نفسها، صادفنا في خليجي 18 الخسارة على أرضنا أولا ثم عانقنا اللقب في النهاية، لكن هناك شروط ومواصفات لا بد من استيفائها حتى نعود،وهي شروط سمعت وقرأت عنها الكثير في الاستراتيجيات والخطط ، لكني بكل أسف ،لم أشاهد لها دليلا واضحا حتى الآن .

_ المنتخب ليس واجهة كرة القدم وحدها ،انه واجهة رياضة الامارات بأكملها ،ومن هنا تعظم المسؤولية التي يجب ان نتعاون جميعا في حملها مع اتحاد الكرة ، والحالة الراهنة "بطولة" سبق وان حققنا لقبها مرتين، لكن الظاهرة المزمنة "شخصية غائبة " ذهبت ولا نعرف كيف تعود ..ولن نفقد الأمل.   

 

هنا الشارقة

دعوة صريحة 
 
بقلب مخلص ونية صافية، أدعو الله أن يكون العام الجديد عام خير وبركة على الامارات، لتحقق كل ماتصبو إليه من آمال وطموحات ،وتواصل مسيرة تطورها الرائدة ونهضتها المباركة في ظل قيادتها الرشيدة برئاسة سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان "حفظه الله" ونائبه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله"، وإخوانهما أصحاب السمو حكام الامارات "آمين". 
 
وبسعادة وامتنان كبيرين، أحمد الله على الإنجازات والبطولات التي حققتها فرق أندية إمارة الشارقة في مختلف الألعاب خلال العام الماضي، وإن شاء الله بتضافر الجهود وبتعاون كل الشركاء مع المجلس الرياضي سيتواصل العطاء لتحقيق المزيد من الألقاب، لنرد جميعًا دين الوفاء لسيدي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، على أياديه البيضاء ومكارمه التي لا حدود لها، على الرياضيين وغير الرياضيين في الإمارة الباسمة .  
 
وبتفاؤل كبير في الغد الأفضل لرياضة الامارات، أرفع أكف الضراعة بالدعاء لكي تخلص النوايا وتتحد الجهود وتصدق الوعود، فنتخلص من كل المعوقات التي تعترض السبيل والمسيرة،ونعوض في المرحلة المقبلة ما أهدرناه في السنوات الماضية، فنحن بحاجة ماسة لوقفة صادقة مع النفس نراجع فيها كل ما مررنا به من تجارب وخبرات لنستخلص الدروس والعبر، ولا حرج ولا حساسية أبداً إذا اعترفنا أمام أنفسنا، بأننا أيضاً بحاجة لإعادة ترتيب الأولويات وتحديث الوجوه، فنحن من دون أن ندري، نرتكب من حين لآخر نفس الأخطاء،وبالتأكيد، لن يتغير من المشهد الرياضي شيئًا،، ولن تتبدل المخرجات مطلقًا طالما الأفكار والمدخلات هي نفسها.
 
قناعتي أننا جميعًا في قارب واحد، بمصلحة واحدة وهدف واحد، لكن ٠للأسف- هناك أهواء وأغراض تستهلك وقتنا وتستنزف جهودنا، ولا أريد في هذه اللحظة الفارقة بين عامين، أن أقلب في صفحات الماضي، فأفتح جروحاً التأمت على علاتها، أو أن أمارس كما يحلو للبعض عملية جلد الذات التي لا نجن شيئًا من ورائها، اعتبروها دعوة صريحة لتصحيح المسار واللحاق بكل من بدأوا معنا ثم سبقونا في غفلة منا ومن الزمن، فنحن جديرون بواقع أفضل كثيرًا مما نحن عليه، ومابين أيدينا من دعم وموارد وإمكانات، ومن بنية تحتية ومنشآت، يؤهلنا بقوة لتحقيق كل طموحاتنا التي كانت ومازالت مقرونة بوصف "المستحيلة"، فالعيب ٠كما يقول الشاعر- ليس في زماننا وإنما العيب فينا .

هنا الشارقة

الرسالة وصلت

عساكم لاحظتم في المقالين الماضيين أني توقفت كثيرًا عند رسالة القيم الإنسانية التي خلفها المونديال القطري عند جماهير العالم، تلك القيم التي تبلورت من التنظيم والضيافة، ومن المشاركة المشرفة لمنتخب "أسود الأطلس" ،فكلاهما أكمل الآخر عند مستقبلي تلك الرسالة التي ما كانت لتصل بقوة هكذا لو لم تكن القيم جميلة ورائعة، ولو لم يكن هناك نصراً على الأرض لمنتخب عربي يحمل اللواء ويضرب المثل عمليا بسلوك لاعبيه.
 
ولا أذيع سراً إذا قلت أني ما فطنت بسرعة لقيمة هذه الرسالة إلا لأنها كانت أول وصية أوصاني بها سيدي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة عندما شرفت برئاسة المجلس الرياضي، إذ كانت توجيهات سموه مباشرة ومحددة، بأن تكون للرياضة رسالة أخلاقية تذكي المثل والمبادئ بغض النظر عن حسابات الفوز والخسارة، وعسى مابين أيدينا الآن من ردود فعل متباينة لدى شعوب عالم الكرة ، أكبر برهان على عظمة هذه الرسالة التي اعتبرتها الإرث الخالد للمونديال.    
 
لقد كانت ردود الفعل شتى وفي كل الاتجاهات، لكني سأكتفي اليوم بمثلين أراهما أبلغ من سواهما لأنهما من نجمين كبيرين، وقد بدا في اللحظة التاريخية للحدث المونديالي أن الأول وهو "ميسي"، وما أدراك ما ميسي في عالم وتاريخ كرة القدم؟ يسلم راية التألق في ملاعب اللعبة لـ"مبابي" ابن الثالثة والعشرين، فالأول "بالبشت" العربي من فوق منبر الاحتفال باللقب العزيز قال للعالم أنه رأى في المحفل القطري مالم يره في كل المونديالات الماضية، أما الثاني أو  النجم القادم "مبابي"، فقد كان مستاءً من ردة فعل مدربه ديشان تجاه زميله كوامي بعد أن أهدر ضربة الجزاء، إذ لم يختلف فيها عن أي مشجع متعصب في المدرجات، مع أن ضربة الجزاء من الوارد اهدارها ونجوم كثيرون أشهر منه أضاعوها في لحظات لا تقل حرجا عن تلك، فالإثنان توقفا عند الخلق والسلوك ورغما عنهما، استغرقا في بحث الأسباب التي وراء تلك الفروق، فكانت القناعة طواعية بأن الثقافة العربية مختلفة عن ثقافتهم، وأن ما يتم ترويجه عنهم ليس صحيحًا بالمرة، فتعاملاتهم فيها سماحة وحب وسلام، وقيمهم الإنسانية تتجلى سلوكاً جميلًا داخل الملاعب وخارجها.
 
إنه "صدام القيم"، الذي أحدثه المونديال العربي، ما بين الشرق بإشراقاته التربوية الجميلة، والغرب بأفكاره وتقليعاته الغريبة، والرسالة هكذا وصلت على أحسن ما يكون 

هنا الشارقة

الإرث الخالد 

أشياء كثيرة ستبقى محفورة في ذاكرة العالم من بعد أن حط المونديال رحاله في قطر، وفي تقديري أن ما أخذه من المحطة العربية أكثر بكثير مما تركه، دعونا من الإحصاءات والمعلومات التي يسجلها العاملون عليها من دورة إلى أخرى،فهذه ستحفظ للمونديال القطري حقه في جملة من الأرقام القياسية لم يحفل بها أي مونديال سابق،انما الذي أعنيه والذي جال بخاطري وأنا أتابع  المنتخب المغربي في آخر ظهور له بالبطولة أمام كرواتيا،هو  تلك"الرسالة الثقافية الشاملة"التي خطتها العقول العربية قبل الأقدام ،من القيم والمثل والمبادئ والأعراف التي ارتبطت بنا كعرب ،والتي كان المونديال بمنصته العالية موصلاً جيداً لها إلى كل شعوب العالم في لحظة تاريخية فارقة، فمفردات هذه الرسالة الثقافية هي الإرث الخالد، مع كامل التقدير لبطل المونديال ووصيفه،ولكل أصحاب الألقاب والجوائز من هداف وحارس وخلافه ،ممن احتفينا بهم في حفل الختام الباهر   

التأثير الثقافي عندما تتلاقى الشعوب على أرض واحدة فيحدث التواصل ، ومن ثم يحدث التفاعل الذي رأينا محصلته في اختلاف المعتقدات والرؤى والأفكار من بداية المونديال إلى منتهاه ،ومحصلة هذا التفاعل هي ما أعنيه بذاك الإرث الذي جمع في تفاصيله تعاليم ديننا وسمات عروبتنا وقيم أجدادنا التي نتوارثها من جيل إلى جيل ،فهذه الرسالة وصلت بحذافيرها إلى العالم على أحسن ما يكون ،وماكانت لتصل هكذا لولا عنصرين لا ثالث لهما:

 الأول: هو التنظيم القطري الرائع الذي لم يترك شيئا للمصادفة،واتسم بالاحترافية في التعامل مع كل صغيرة وكبيرة داخل الملاعب وخارجها ،والأهم في هذا التنظيم أنه كان بوعي وحرص كبيرين على عدم التفريط في مفردات ثقافتنا فلم يسمح بتغييبها أو تغريبها في حضرة جماهيرالعالم

أما العنصر الثاني فتمثل في إنجاز المنتخب المغربي بوصوله إلى الدور قبل النهائي وتحقيق المركز الرابع لأول مرة في تاريخ العرب وأفريقيا ، فهذا الإنجاز الذي توج وأكمل ما حققه شقيقاه السعودي والتونسي، اختزل في معانيه ما يستحيل على خطب وندوات ومؤتمرات أن تؤديه،وصنع عند مستقبليه كل ما يعززالوعي العربي والتفوق العربي جنبا إلى جنب مع جودة التنظيم والضيافة العربية  

لقد كان المونديال القطري عربيا أصيلا متمسكا بكل جذوره، وكان الانجاز المغربي بدوره عربيا مذهلاً  مشرفاً ،ولذا سيبقى هذا التنظيم وذاك الأثر حديث القاصي والداني بين كل البشر، من الرياضيين وغيرالرياضيين "إرثاً خالداً" فلا يضيع ولا يندثر 

هنا الشارقة

ملحمة عربية 

**لنا أن نفخر بعروبتنا، وأن نعتز بقوميتنا، وأن نتطلع لما هو أفضل في كرة القدم والرياضة بوجه عام، وأن نطمح لكل ما تصورنا أنه صعب ومستحيل في كل مجالات الحياة، كل هذا وأكثر من بعد أن قفز منتخب المغرب عاليًا في المونديال القطري وتأهل إلى الدور نصف النهائي، فما بالك لو نجح في ماهو أعلى وأرفع بالوصول إلى المباراة النهائية ثم الظفر بالكأس العالمية؟!
 
** لا يأس، لا صعب، لا مستحيل..لقد استخرج "أسود الأطلس" بملحمتهم التاريخية من مفردات لغتنا العربية كلمات ومعان لم يكن لها مكان في علاقتنا كعرب بالمونديال، الذي كان ومازال مجرد بلوغه بالنسبة لبعضنا منتهى الأحلام ونهاية الآمال! ناهيك عن المشاعر الحلوة التي أسعدتنا بعروبتنا واستدعت من أعماقنا كل ما يجمعنا ويوحدنا من المحيط إلى الخليج، انها حقًا ملحمة كروية، خصوصًا إذا نظرنا لها من منظور البطولة والجسارة والجرأة التي أطاحت في سبيلها بعروش كرواتيا وبلجيكا والبرتغال وإسبانيا، ولعل أجمل وأحلى مافيها أنها "عربية خالصة" بأقدام عربية ورؤية عربية وإرادة عربية،ولم تكن مفارقة بأي حال أن تتحقق على أرض عربية، فهذه بدورها عساها رسالة قدرية، كي ندرك ويدركون، ونعلم ويعلمون، أننا طامحون ومغامرون، والأهم أننا قادرون.
 
**ولقد تجلت في عناصر الملحمة كل القيم والمبادئ التي نعمد لتأسيسها وزراعتها في عقول أبنائنا من حيث: التوكل على الله، وبر الوالدين، والإخلاص للوطن، واللعب بروح الفريق، والدفاع عن السمعة والمكانة، فنحن أمام تجربة حيّة لصوابية توجهاتنا ومصداقية كل معتقداتنا وقيمنا المستمدة من الدين والثقافة والأسرة، ومن عاداتنا وتقاليدنا العربية التي ورثناها من أجدادنا، ولعل صور نجوم المغرب وهم يقبلون آبائهم وأمهاتهم وزوجاتهم وأبنائهم قد جسدت كل هذه المعاني الجميلة عند مستقبليها حول العالم من الوهلة الأولى.
 
** ولأن الملحمة لم تنته بعد، دعونا موقتًا نذاكر معطياتها التي بين أيدينا لنستخلص منها الدروس والعبر، فالطفرة المغربية نتيجة سبقتها مقدمات خاصة بها وبهم، ومحصلة صنعتها معادلة لا أرى عناصرها متوفرة بنفس النسب في بقية دول المنظومة العربية، فأين المحترفون بهذا الكم في الملاعب الأوروبية؟ وأين الحافز والشغف الفردي للاعب؟ وأين تلك الروح القتالية؟ وأين تلك الثقافة التي تقوم على الندية ولا تعترف بالدونية؟ وأين تلك القناعة التي تكرس الوطنية ولا ترى في الأجنبي خصاصة ولا أفضلية؟
..وقطعا للحديث بقية .