هنا الشارقة

حكاية مريم 

 للأبطال والنجوم حكايات، فهم لا يولدون أبطألا ولا تظهر نجوميتهم فجأة، فلكل منهم حكاية تخصه، وبعض هذه الحكايات تكون ملهمة ومشوقة أكثر من غيرها، لأن فيها من الدراما والتفاصيل ما يجعل منها قصة جديرة بالرواية والتسجيل، ومؤخراً سعدنا جميعاً بانجازين مدويين من مونديال باراليمبية ألعاب القوى المقام في كوبي اليابان، الأول كان لنجم الشارقة محمدالقايد بتحقيق ذهبية سباق 400 م ،وهو بطل لا يشق له غبار وكثيرا ما أسعدنا بانجازاته وألقابه، والثاني كان لنجمة شرقاوية جديدة،هي "مريم الزيودي" التي أحرزت ذهبية دفع الجلة، فكانت بذلك صاحبة السبق الأول على مستوى الخليج والعرب في تحقيق هذا الإنجاز، وبه أصبحت أول لاعبة على مستوى العالم تتأهل مباشرة للمشاركة في دورة باريس 2024 ،ولأن البعض ربما سمع بها للمرة الأولى، فضلت أن تكون حكايتها وحكاية بطولتها هي موضوعنا اليوم .
** تبدأ حكاية مريم من عند نصير المعاقين سيدي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة،فبفضل رؤيته البعيدة وحرصه على دعم الرياضيين عموما والمعاقين بوجه خاص في الإمارة الباسمة، أمر سموه بإنشاء نادي خورفكان وأفتتحه بنفسه في 2020 ،ليكون مناظرا لنادي الثقة الذي يفخر بكونه أول ناد للمعاقين بالدولة في 1987،فلولا تلك المنشأة التي توفرت بها أحدث الأجهزة والتقنيات ماكان لبطلتنا الموعودة أن تجد سبيلا لها أبدا في عالم ألعاب القوى الذي تحسب أنجازاته بأجزاء السنتيمتر والثانية .  
** وتأتي الدراما المشوقة لتنسج في مرحلة ثانية قصة البطلة من خلال تضافر جهود أطراف كثيرة، أولها الادارة الواعية للنادي برئاسة سعادة عبد الرزاق بني رشيد ونائبه لؤي علاي ،ثم عائشة الحمودي عضو مجلس الإدارة التي اكتشفتها، ثم المدرب الخبير أيمن علي الذي احتضن موهبتها الفطرية واستعدادها الجسماني بكل تركيز واهتمام، فتحولت من رفع الأثقال إلى دفع الجلة، لتظهر علامات نبوغها وتحقق طفرات متلاحقة في شهور قليلة،ومن قبل ومن بعد ،كان لأسرتها ولوالدتها خصوصًا دورًا استثنائيًا في دعمها وتشجيعها ، فاكتملت بذلك لبطلتنا كل عناصر معادلة النبوغ والتفوق .
** ولا يبق من الحكاية إلا جزءها الأهم ، الذي فضلت أن أختم به هذا المقال ، وهو الخاص بسمات ومواصفات مريم نفسها، فهي رياضية من طراز فريد:خلوقة،هادئة ،وديعة، متواضعة، متعاونة، دؤوبة، منظمة، وكلها إرادة وتركيز وحماس،ولذا رأيت أن حكايتها كبطلة حكاية جديرة بأن يعرفها كل الناس.