هنا الشارقة
الأزمة و الهمة
ماجدوى المعرفة إذا لم نستثمرها في حياتنا؟ وما قيمة الخبرة إذا لم تصقل صاحبها من التجارب التي خاضها؟ وكيف نثبت دعائم دولتنا ونبرهن على صلابتها وقوتها مالم نصادف تحديات فنعبرها، ونواجه أزمات فنجتازها؟ ومالدليل على انتمائنا لها وتفانينا في حبها سوى المشاركة والتعاون، والتكامل والتعاضد، والإيثار والتضحية؟ وفي نهاية هذه المتوالية من الأسئلة، يبرز السؤال الأهم وهو : "ما تقديرنا لنعمة الأمن والأمان إذا لم نعرف كيف نحافظ عليهما؟
في الوقت المناسب ، كما هي عادة سموه، جاءت كلمات سيدي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة لتحيي فينا الحماس والهمّة ونحن نواجه تداعيات الأزمة المناخية الطارئة ، وأجاب سموه ببديهته الحاضرة على معظم التساؤلات التي ذكرتها في المقدمة السابقة، وفوق ذلك نصح ونبه الغافلين، وأنذر وحذر العابثين في خطابه البليغ الذي استهله بمقولة "ياغريب كن أديب".. واختتمه بالدعاء لرب العالمين ليحفظ دولتنا وأبنائها من الأشرار والمتربصين، وكانت توجيهات سموه واضحة وحاسمة وقاطعة بسرعة حصر وتقييم الأضرار، وسرعة التحرك لعودة الاستقرار، ورأينا ولي عهده ونائبه سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي يباشر ويتابع، ونائبيه سمو الشيخ عبد الله بن سالم القاسمي وسمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي يتفقدان ميدانيًا كل التدابير والاجراءات، وكل كل المؤسسات المعنية من طوارئ وازمات وشرطة وانقاذ ودفاع مدني ومواصلات وبلديات وجمعيات ،بما فيها الأندية والمراكز الرياضية، جميعها حاضرة ومستنفرة لاجتياز عواقب ذاك المنخفض الجوي الذي لم تصادفه الدولة منذ 75 عاماً
تعلمت الكثير في الفترة التي عملت فيها بالهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث،وأفخر وأعتز بكل ما قمت به خلال رئاستي للمركز الخاص بها في الشارقة،وكنت قلبًا وقالبًا مع فرق العمل وهي تقوم بدورها في التصدي لكل تداعيات "السحابة الخارقة " التي أمطرت علينا في يوم واحد مالم تصادفه لندن في 5 شهور،واستحضرت كل ما حصلته من تجارب وخبرات لمواجهة أسوء سيناريوهات الأزمات،ولم أجد شبيهاً لما حدث، إذ كان سجل المخاطر لا يتعدى استمرار الأمطار "العادية" مع جريان السيول بالوديان لثلاثة أيام على الأكثر، لكنه درس جديد بأزمة جديدة، وكما قيل في الأثر "الأزمة تلد الهمّة ،والهمّة تقوي الأمة"
أخيراً تحية وطنية مخلصة لكل الجهود والمبادرات الخيرية التي بذلت في الأيام الماضية لاجتياز محنتنا الطارئة.. و"تحيا الهمة"