هنا الشارقة
تراث لا يندثر
من عام إلى عام يتجدد وصال الشارقة مع عالم الفكر والثقافة والفنون والآداب من خلال معرضها الدولي للكتاب، ذاك المعرض الذي منذ ان وعينا وجدناه حاضرًا بيننا، كرافد أساسي لكل ما تعلمناه وماعرفناه من أيام الطفولة والدراسة حتى سنين العمل والمسؤولية،..وما بين الرحلة المدرسية السنوية التي خبرت معها مبكرًا قيمة ومعنى "الكتاب"، وبين دأب الحضور الدوري لمتابعة واقتناء كل ما ينشر في مجال عملي واهتماماتي ،أصبحت القراءة ، طواعية وبدون قرار مني، أهم عاداتي ،ولا أعتقد ان هذه مزية أتفرد بها وحدي،أوفقط يتمتع بها رفاق جيلي ، فهي سمة سائدة عند معظم أبناء الشارقة ممن تربوا على تعاليم ورؤى سيدي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة "حفظه الله" ، فسموه زرع فينا حب القراءة،وجعلها غاية في حد ذاتها، لا مجرد وسيلة لتحصيل العلم والمعرفة، وقد كان هذا المعرض بمنبره العالمي من أهم معالم تلك الثقافة .
في دورته الـ 42 ،كان المعرض بإرثه الذي لا يندثر، يباهي بمشاركة أكثر من 2000 ناشر وعارض يمثلون أكثر من نصف دول العالم ،واستولى علينا جميعًا أبناء الامارات، الزهو والفخر في اللحظة التي أعلن فيها سيدي راعي العلم والثقافة عن انجاز الشارقة ل67 مجلداً من قاموس المعجم التاريخي للغة العربية، وكيف أن هذا العمل الضخم سيكتمل العام المقبل ليكون هدية الإمارات إلى العالم باسم كل العرب،وكشف سموه بلغة الأرقام قيمة وقدر لغتنا الجميلة حين ذكر أن المعجم من 81 ألف صفحة موزعة في 110 مجلدات ،وان انجازه استغرق 6 سنوات من الملاحقة والتنقيب والمتابعة ، بمشاركة أكثر من 500 خبير ،كما أمتعنا سموه بعلمه الغزير كباحث ومؤرخ عندما أكد أنها لغة خطاب الرب لآدم وللملائكة والأنبياء والرسل،وأنها أصل كل اللغات السامية التي عرفها البشر منذ بدء الخليقة .
في الشارقة "نقرأ قيمًا " في حياتنا ، "ونتحدث كتباً" من خلال شعار المعرض الدولي ،و"نتريض ثقافة " عبر أنشطة المجلس الرياضي ..وفي كل المجالات ستجد تراث الإمارة حاضرًا ليطبع بصمته في كل شيئ تحسه وتراه ،وان لم تجده في حروف الكلمات وهي ترسم عناوين الكتب بالخط العربي ،ستجده في ألوف وملايين الصفحات التي نسجها المؤرخون لتاريخنا الإسلامي والعربي، لأنه حقا "تراث لا يندثر".