هنا الشارقة

ضجيج بلا طحين 
تذهب مجالس إدارات، وتجيئ مجالس أخرى في مختلف الأندية والإتحادات، وتتغير أفكار وتتحول اتجاهات، وتتبدل رؤى وقناعات في مختلف القضايا والموضوعات، إلا أنهم، كما هم، "لا يتغيرون ولا يغيرون" ..لايتغيرون في طبائعهم وميولهم وانتماءاتهم، ولا يغيرون شيئا مما نعانيه في رياضتنا من هموم ومشكلات وقضايا.
ربما اختلفت مجالسهم فتراهم متقابلين أو متجاورين، لكنهم، بنفس الوجوه والأفكار والنوايا والإنتماءات، تراهم بأحد البرامج جالسين على مقاعدهم متنافرين متنابزين، يثرثرون ويتفلسفون، يتهاوشون ويتضاربون، وربما تغيرت بين موسم وآخر مسميات برامجهم، التي يقال أنها لبحث وتحليل ما جاء في المباريات، لكن الإثارة الرخيصة والجدال العقيم والضجيج العميم، تشرد بنا رغما عنا، بعيدًا بعيدًا عن درب الصواب والمنطق والرشاد.
ومع حلقات تتجاوز في وقتها أعمار المباريات بساعات، ونقاشات وخزعبلات في كل الإتجاهات، تصبح "الحبة قبة" و"النملة جملاً" ،وتولد في لحظات فتن ومؤامرات، وبدلاً مما كانت بين أيدينا مشكلة واحدة في بداية الحلقة، تجد في نهايتها - بقدرة قادر- مشكلات!، فلكل امرئ منهم - إلا من رحم ربي عملًا بالإستثناءات – "أجندة" مصالح ومآرب وغايات، إن لم تكن بنسبة من عقد سيتم فسخه هنا لتحريره هناك للاعب أو مدرب، فبصفقة عبر إعارة، أو سمسرة بموجب احلال، أو عمولة مقابل انتقال، وكله شغال !.
وهكذا دواليك من حلقة لأخرى، تختلف السيناريوهات باختلاف الموضوعات، لكن طاقم البرنامج وقائدهم، كل واحد فيهم فاهم وعارف، وحافظ دوره جيداً في "مسلسل الضجيج".. ذاك المسلسل المكسيكي الذي لا تنتهي حلقاته ،الذي ابتليت به رياضتنا، والذي مهما غبنا عنه، زهقا وكمداً، نرجع فنجده مثلما تركناه، عند عنوانه القديم "ضجيج بلا طحين " .
كنت أتوقع مع الشهر الفضيل أن تختلف النبرة ويقل الضجيج، وأن يرتقوا بالحوار عملًا بتوجيهات القادة الكبار، لكن هيهات، فمع قضية "شاهين" أشهرت السكاكين، ورغم اعترافهم جميعًا بتضارب الروايات والبيانات، وقلة المعلومات والبراهين، أخذت ألسنتهم تلوك بالغث والسمين في مقامات الوطنية والولاء والإخلاص والمخلصين، وتباروا جميعًا متناسين أن في تاريخنا أكثر من شاهين، وأنه بخلاف سواه من السابقين، نال جزاءً لم يناله نظراؤه من المتجاوزين .
ختامًا.."اللهم احفظ جميع المشاهدين من المدعين والمحرضين، واحفظ رياضتنا من المترصدين والمتربصين" .. آمين.

عيسى هلال الحزامي