هنا الشارقة

سر الحصاد الشرقاوي

أكثر ما يسعد المرء أن يرى حلمه حقيقة ماثلة بين يديه ، خصوصًا إذا كان هذا الحلم قد مر من فضاء الخيال إلى عالم الواقع عبر خطة وعمل مبرمج لا بضربة حظ أو مصادفة، ومن هذه العينة الاستثنائية كانت ومازالت السلة الشرجاوية تحصد الغلال والثمار من عام إلى عام، بعد أن زرعت جيداً في مواسم الجدب والجفاف، واستثمرت طاقات البراعم والأشبال الصغار بأفضل سبل الاستثمار، وبحمد الله وتوفيقه، كانت فرحة جمهور الإمارة الباسمة بالعيد مضاعفة مرتين بعد أن تزامن معه تحقيق بطولتين، الأولى عندما انتزع الفريق الأول للرجال لقب كأس الاتحاد على حساب شباب الأهلي للمرة الثالثة، والثانية عندما ظفر فريق الشباب بدرع بطولة الدوري على حساب النصر للمرة التاسعة في تاريخه .

ولا يمكن بأي حال أن ينظر لهذه الإنجازات بمعزل عما يحدث على صعيد المراحل السنية منذ سنوات، أو أن يتم التقييم من منظور ضيق يخص الفريق الحائز على اللقب ،فمع كامل التقدير للاعبين وأجهزتهم الإدارية والفنية على أدائهم المتميز، نحن أمام منظومة متكاملة، كل عنصر فيها يكمل ويتمم الصورة الجميلة التي بين أيدينا ، وأجمل مافي هذه الصورة وتلك المنظومة، أن الكل يعمل بتفان وإخلاص ونكران ذات ، دون مباهاة أو غرور أو ادعاءات.

 وبصراحة لم أقصد من الزراعة في مواسم الجدب والجفاف، سوى الإشارة إلى الرؤية الاستراتيجية البعيدة التي تمتع بها سيدي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، عندما هبت موجة الاحتراف على رياضة الامارات، حيث كانت توجيهات سموه صريحة واضحة بضرورة المحافظة على كيانات الألعاب الجماعية بكل مكتسباتها في مرحلة الهواية، دون مساس بموازناتها وعناصرها وامكاناتها، في الوقت الذي عصفت فيه هذه الموجة العاتية بنسب ودرجات متباينة على مقدرات تلك الألعاب في معظم الأندية لصالح كرة القدم .

انها رؤية ثم خطة وعمل ومثابرة، من القمة الرفيعة إلى القاعدة العريضة، ببرامج مستدامة تشمل معسكرات ومشاركات وابتعاثات خارجية لصقل الموهوبين بالمهارات، عوضا عن البطولات الدولية التي يحق لنا أن نباهي بها، وهي تقام خصيصًا لتلك المراحل السنية، وكل الشكر والامتنان لفرق العمل في المجلس والأندية، على التعاون والإنسجام والتفاني وسرعة التلبية، فلولا تضافر الجهود بهذه الصورة ماكان الحصاد الشرجاوي بهذا الثراء وذاك الغنى، "والحمد لله" من قبل ومن بعد .