هنا الشارقة

طموح زايد 

بعض الأحداث ترسخ في مخيلتي بحكم ما تثيره من شجون، وبعض المشاهد تحفر مكانها في بؤرة الذاكرة فلا تغادرها أبدا بسبب عمق أثرها وقوة تأثيرها في وجداني، ومن هذه العينة كانت مراسم استقبال ابن بلدي رائد الفضاء "سلطان النيادي" لدى عودته من رحلته الفضائية المظفرة، فهي باستحقاق وبامتياز واحدة من هذا النوع الذي تنطبع تفاصيله كأنها نقش فرعوني في ذاكرتي ،فالحدث كبير وجلل،وما يستدعيه من أفكار ومعاني وما يستدره من خواطر وتجليات، يتجاوز حدود اللحظة ويسافر بي إلى فضاء ملئوه الحلم والطموح وقهر المستحيل

**انها حقاً قصة ملهمة لرحلة تجسد فيها الحلم فأصبح حقيقة،ولا يمكن بأي حال أن نعيش لحظتها الراهنة من دون أن نسترجع اللحظة التاريخية لميلادها كفكرة خلاقة،أو كأمل بعيد المنال، أو بالأحرى، كحلم رآه البعض شبه مستحيل،فعندما استقبل والدنا وقائدنا المغفور له بإذن الله الشيخ زايد في عام 1974 رواد سفينة الفضاء "أبولو" بعد نجاحهم في الهبوط على سطح القمر، جال بخاطره في الحال هذا الحلم الذي تكفل بتحقيقه ولده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله " ولو لم يكن أبناء زايد يسيرون على دربه،ويعملون بنهجه، ما نجحوا في تحقيق حلمه

**مشاعر السعادة والفخر في صدورنا - نحن أبناء الامارات - تتمدد من قلوبنا إلى عنان السماء،وتناظرها أحاسيس لا نهاية لها من العرفان والامتنان لقيادتنا الرشيدة التي ترى المستقبل بأعين واسعة،وتضع قطاع استكشاف الفضاء ضمن استراتيجيتها للخمسين عاما المقبلة،ويكفي أن هذه الرؤية البعيدة كفلت لنا مكانا ومكانة نشارك فيها نخبة دول العالم في هذاالمجال الذي يقال أن الاستثمار العالمي فيه سيبلغ تريليون دولار بحلول عام 2030، وانه لزهو وفخار وعز وانتصار أن تكون دولتنا في زمرة المستثمرين في علوم الفضاء ،وان يكون لأبناء الامارات هذا الإنجاز وذاك الابتكار

** لقد تكفل"طموح زايد"الذي يستثمر في الإنسان علما ومعرفة،بوصول "المنصوري"في وقت سابق الى المحطة الفضائية الدولية وارسال مسبار الأمل والمستكشف راشد، وهاهو يجعل "النيادي" شريكا في رحلة فضائية استغرقت 6 شهور، وشهدت 200 تجربة علمية و19 بحثا تقنيا و12 اتصالا مرئيا،وكلها كانت بهدف اعمار الكون واسعاد البشرية

ختاما، فبطموح زايد أصبح ابن الامارات أول رائد فضاء عربي يسير بين المجرات لسبع ساعات، ولسوف يستمر ويتواصل "طموح زايد" لأنه،على غرار الحالة الفضائية،لا يعترف بالجاذبية الأرضية